النوم| هذا الشيء الذي ندعوه نوماً
هل تظن أنك استوفيت حاجتك من النوم خلال الأسبوع الفائت؟ وهل تتذكر متى استيقظت آخر مرة من غير رنين الساعة المنبهة فنهضت شاعراَ بالانتعاش وعدم الحاجة إلى الكافيين؟ إذا كانت إجابتك على أي من السؤالين بالنفي، فأنت لست وحدك في هذا!يفشل ثلثا البالغين في البلدان المتطورة كلها في تحقيق فترة ساعات النوم الليلي الثماني الموصى بها.
اكتشف طاقة النوم والأحلام |
لا أظن أن هذه الحقيقة قد فاجأتك كثيراَ؛ لكن عواقبها قد تكون مفاجئة لك، إن اعتيادك أن تنام ليلاَ أقل من ست ساعات، أو حتى أقل من سبع ساعات، يقوض نظامك المناعي ويزيد خطر إصابتك بالسرطان أكثر من ضعفين، كما أن النوم غير الكافي عامل رئيسي من عوامل نمط الحياة التي تحدد إن كنت ستصاب بمرض الألزهامير، تؤدي قلة النوم حتى في حال التقلبل المعتدل من فترة النوم مدة أسبوع واحد فقط إلى اضطراب عميق في مستويات السكر في الدم بحيث يمكن اعتبارك (ماقبل سكري).
ترفع قلة النوم احتمال إصابة الأوعية الدموية المغذية للقلب بالانسداد والهشاشة مما يضعك على طريق الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية، والأزمات القلبية، وفشل القلب الاحتقاني، وتماماَ مثلما تقول حكمة شارلوت برونتي ( الذهن المضطرب يجعل الوسادة غير مريحة) فإن لإختلال النوم مساهمة كبيرة في الاعتلالات النفسية الكبرى، كالاكتئاب والقلق والنزوع إلى الانتحار.
لعلك لاحظت أيضاَ أن رغبتك في الأكل تزداد عندما تكون مرهقاَ! هذه ليست مصادفة على الإطلاق، لأن قلة النوم تؤدي إلى زيادة تركيز الهرمون الذي يجعلك تشعر بالجوع وتخفض مستوى الهرمون المسؤول عن إطلاق إشارة الاكتفاء من الطعام، وهكذا تستمر لديك الرغبة في تناول مزيد من الطعام على الرغم من امتلائك، إنها وصفة مضمونة لزيادة الوزن لدى البالغين والأطفال ممن يعانون قلة النوم، ولعل ماهو أسوأ من هذا هو أنك تحاول الالتزام بنظام غذائي لتخفيض وزنك فتفشل لأنك لا تناك كفايتك من النوم خلال محاولتك؛ وذلك لأنك تفقد في هذه الحالة جزاء من وزن الكتلة العضلية في جسمك لا من الدهون التي تحاول التخلص منها!
يصير الاقتناع بالنتيجة المؤكدة التالية أكثر سهوله إذا جمعنا تلك العواقب الصحية الواردة أعلاه: نوم أقل يعني عمراَ أقصر، كم هو مشؤوم ذلك القول المعروف (سأنام عندما أموت)، ماعليك إلا أن تتبنى هذه الطريقة في التفكير حتى تضمن الموت في وقت أقرب، وحتى تكون حياتك ( الأكثر قصراَ) أقل جودة، إن الرابطة المرنة بين العمر وقلة النوم لا يمكن مطها كثيراً قبل أن تنقطع.
والمحزن أن ما من نوع من أنواع الكائنات الحية، غير البشر، يتعمد حرمان نفسه من النوم من غير وجود أي مكسب يبرر ذلك، يتعرض كل مكون من مكونات طيب الحياة، إضافة إلى مالايحصى من خيوط نسيج الحياة الاجتماعية، إلى التآكل بفعل تلك الحالة باهظة التكلفة، حالة إهمال النوم، إنها تكلفة إنسانية ومالية على حد سواء..
وهذا ما جعل منظمة الصحة العالمية تعتبر قلة النوم حالة وبائية منتشرة في الأمم الصناعية كلها، وليس من المصادفة في شيء أن تكون البلدان التي شهدت انخفاضاَ حاداَ في فترة النوم على امتداد القرن الماضي (كالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وبلدان أخرى كثيرة في أوروبا الغربية)، هي المناطق التي تعاني أكبر زيادة في نسب الأمراض الجسدية والاضطرابات العقلية والنفسية المذكورة أعلاه.
أن النظام الغذائي المتوازن وممارسة التمرينات الرياضية أمران على جانب كبير من الأهمية، لكننا صرنا الآن نعرف أن النوم هو القوة الأكثر بروزاَ في هذه الثلاثية الصحية، إن الأضرار الجسدية والعقلية الناجمة عن ليلة واحدة من النوم السيء أكبر بكثير عن الأضرار الناجمة عن فترة مماثلة من الانقطاع عن الأكل أو عن النشاط الجسدي.
تعريف النوم وتوليده
تمدد الزمن وما تعلمناه من طفلة صغيرة في سنة 1952 ، لعلك دخلت غرفة المعيشة في بيتك ذات ليلة وأنت تتحدث مع صديق من أصدقائك، دخلت فرأيت واحدة من أفراد أسرتك (لنقل إن اسمها جيسكا) مستلقية ساكنة على الأريكة من غير أي صوت، جسدها مضجع، ورأسها مائل جانباً، لا بد أنك التفت إلى صديقك على الفور وقلت له: "ششش، جيسكا نائمة"، لكن كيف عرفت أنها نائمة؟ لم يستغرق ذلك أكثر من جزء من الثانية، لكن أي شك لم يكن في عقلك في ما يتعلق بحالة جيسكا، لماذا لم تظن، بدلاً من ذلك، أن جيسكا في غيبوبة، أو حتى أنها ميتة؟
النوم الذي يدل على نفسه بنفسه
من المحتمل كثيراً أن يكون الحكم الذي أصدره عقلك في ما يخص حالة جيسكا بسرعة تشبة سرعة البرق حكماً صحيحاً تماماً، ومن الممكن أن تكون قد تأكدت منه تماماً عندما اصطدمت بشيء ما فأصدر صوتاً أيقظها من نومها، على مر الزمن، صرنا ماهرين إلى حد لا يصدق في التعرف إلى عدد من الإشارات التي توحي لنا بأن شخصاً ما نائم.
النوم والإبداع
يمكن القول إن هنالك فائدة أخيرة للنوم قد تكون أبرز فوائدة على الإطلاق: إنها الإبداع، يوفر النوم مسرحاً ليلياً يتيح لدماغك إجراء التجارب وإقامة الصلات بين مخزونات كبيرة من المعلومات، تتم هذه العملية باستخدام خوارزمية غريبة، فبطرق لا يمكن لدماغك المستيقظ أن يُقدم على محاولتها أبداً، يدمج الدماغ النائم مجموعات منفصلة من المعارف فيقوي قدرات متميزة على حل المشكلات.
الدماغ والحرمان من النوم
قررت إدارة كتاب غينيس للأرقام القياسية العالمية الكف عن قبول تسجيل محاولات كسر الرقم القياسي للحرمان من النوم بعد أن فوجئت بكثرة ما تبين من أدلة علمية تثبت الضرر الشديد الناتج عنه، ومنها:
- الألزهايمر.
- القلق.
- الاكتئاب.
- الاضطراب ثنائي القطب.
- الانتحار.
- السكتة.
- الألم المزمن.
- العقم.
- فقدان الوزن.
- عوز المناعة.