لماذا أنت مغرور؟
كنت جالساً مع صديق في أحد المقاهي فجاء رجلن وبدأ فوراً في الكلام، أستاذ أحمد؟ نعم أهلاً وسهلاً - ياأخي، لماذا أنت مترفع بنفسك عنا؟ فمنذ سنة أحاول ان اتواصل معك، وأرسلت إليك إيميل، ومارد علي أحد، واتصلت على جوالك، فما أحد يرد!وهو على هذا الحال يتكلم ويهاجم، وأنا فقط أسمع، سبحان الله في هذه اللحظة تذكرت تصرف الرسول صلى الله عليه وسلم مع أحد أفراد قريش، عندما كلمه، وبدأ يهاجمه، والرسول صلى الله عليه وسلم يسمع فقط، فقررت أن أسمع فقط، فواصل الهجوم، أنتم أيها المشاهير، تترفعون بأنفسكم عنا، وتتكبرون علينا، ثم سكت (يتوقع أن أرد عليه، فلما رآني لا أرد رجع يهاجم ثانية).
- أنا من القبيلة الفلانية، ولو جئت إلى لاستقبلتك إيما استقبال وأكرمتك، وسكت(يتوقع رداً) فما لم أرد واصل.
- لابد أن تعرف أن جمهورك هو الذي شهرك، وليست الشهرة من نفسك.. وسكت(يتوقع رداً) فلما لم أرد واصل.
- فمن تواضع لله رفعه.. وسكت(توقع رداً) فما لم أرد واصل.
- وفجأة بعد دقيقتين تقريباً من الهجوم المتواصل واستماعي له دون أي مقاطعة أو تدخل بدأ يقول:
- أصلاً أنت أكيد مشغول.. وسكت(توقع رداً) فلما لم أرد واصل.
- ومع أسفارك وكثرة التصوير - الله يعينك- صعب تتواصل مع الناس..وسكت ( توقع رداً) فلما لم أرد واصل.
- وسامحني على هجومي عليك على طول، وماعذرتك.. وسكت (يتوقع رداً) فلما لم أرد واصل.
- هات رأسك أقبلها..
وإن شاء الله نتكلم قريباً، فهذا رقمي.. وأنا في الخدمة في أي وقت! فقلت جزاك الله خيراً، وأعذرنا على التقصير، ومشى إلى حال سبيله!لن أنسى هذا الموقف أبداً، ولن أنسى كيف تحول من مهاجم غاضب إلى مدافع هادئ في دقيقة، ومن دون كلمة مني أو رد فعل! لا أستطيع دائماً أن أتمالك نفسي في مثل هذه المواقف، ولكن في الحالات التي أتمالك نفسي فيها، وأقرر الصمت أجد أثراً عجيباً فيمن أمامي! فكأن الصمت سحر!
دائماً في الحديث، حين تكون هناك لحظات فراغ(سكوت) لا تملأها، اجعل من أمامك يملؤها، ومع الوقت ستجدة يلين وحده، أنا مع هذا الشخص لو قاطعته، أو بدأت أدافع عن نفسي، فبالتأكيد ما كان الموقف سينتهي بالطريقة نفسها، وهذا سر إنصات الرسول صلى الله عليه وسلم بالكام لللقرشي، حتى إذا انتهى تماماً، سأله ليتأكد، (أفرغت يا ابن الوليد؟) فقال: نعم، فقال:(فاسمع مني)، دائماً لكي يدخل كلامك عقل من أمامك أجعله يفرغ ما فيه أولاً: حتى يكون هناك مكان لكلامك يدخل فيه، وإلا فكيف يملأ مملوء؟!
قيد النعمة بشكرها
منذ صغري وأنا أخشى زوال النعم عني، ولذلك حبُبت إلى الصدقة منذ سن صغيرة، وأذكر مدى السعادة التي شعرت بها أول مرة أكفل فيها يتيماً، فقد كان شعوراً جميلاً أن لي دوراً في تحسين حياة طفل ومع مرور السنين كنت دائماً أبحث عن أحدث وسائل التبرع، وآخر أوجه الصدقات التي تفيد البشر، وزاد إيماني أن الشكر يقيد النعم وأن الصدقات هي أحسن وسائل الشكر، فكما قال بعض السلف، (النعم وحشية، فقيدوها بالشكر)
أي أن النعم سريعة الهروب لو لم تقيد، تعمق في داخلي هذا الارتباط بين دوام النعم والصدقات، وزاد هذا الشعور الحديث النبوي( صنائع المعروف تقى مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب).
والعام الماضي قلت في نفسي هذا لا يكفي، أريد أن أتصدق بشكل يومي، ولكن كيف؟ فليس كل يوم أرى فقيراً أو مسكيناً، فبحثت في الإنترنت، ووجدت تطبيقاً جميلاً من شركة جوجل اسمه (One Today) واحد يومياً يعرض كل يوم مشروعاً خيرياً، ويسمح بالتبرع بدولار واحد فقط أو أكثر أن أحببت وكله بشكل ميسر وسريع، وفوراً أنزلت هذا التطبيق عندي، وجعلت يوسف وإبراهيم أيضاً ينزلانه، حتى تصبح الصدقة عادة لديهما أيضاً.
أقترح عليكم دراسة هذه الفكرة وتطبيقها، فكرة الصدقة اليومية، سواء عن طريق هذا التطبيق أو غيرة، وصدق القائل في قوله(من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها، ومن شكرها فقد قيدها بعقالها)
لا خوف عليهم
كل أنواع الآلام النفسية وأغصانها تنبت من جذرين لا ثالث لهما: الهم والحزن، فالهم هو الخوف من المستقبل وينتج عنه القلق والغضب، والحزن على الماضي يولد الحسرة والأسى والندم، ولنر الآن العلاج القرآني لهما (من إمن بالله واليوم الآخر وعمل صلحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) في الآية ثلاثة أسلحة أساسية تقضي على الهم والحزن:
- الإيمان بالله.
- الإيمان باليوم الآخر.
- وعمل صالحاً.
الرحمة
- راحة: الرحمة تؤدي إلى راحة القلب، راحة من ماذا؟ راحة من الحقد والكره والحسد، فلا يمكن لك أن تكره شخصاً ترحمه، فالرحمة إذن راحة من كل الأمراض النفسية.
- رَحِم: رحم المرأة يحتوي على الجنين، ويغذيه، فالرحمة احتواء وغذاء للبشر، فالإنسان الرحيم هو ملجأ للضعفاء، وهو الغذاء الروحي للمتعبين، فالرحم هو الوحيد القادر على احتواء آجنة البشر.
- حماية: الرحمة تحميك من أشرار البشر، فالإنسان الرحيم يقل أعداوه، ويقل حساده، ولا أقول ينعدم، ولكن يقل بدرجة كبيرة جداً.
- الرحمة هي قمة الحكمة: الحكمة في فهم أن الأصل في البشر الضعف، وأن التعامل معهم بالرحمة هو عين الحكمة.
شرعة ومنهاج
- لكل منكم جعل الله شريعة مختلفة تحت المظلة العامة للاستسلام لإله واحد خالق لهذا الكون.
- الله لا يريد أن يكون الناس أمة واحدة، وهذا التعدد في الشرائع مقصود وإرادة إلهبة.
- على كل الأمم من مؤمنين ويهود ونصارى أن يستبقوا الخيرات، فهو المهم، وليس الصراع بينكم ولتركز كل ملة على فعل الخيرات.
- لا تنشغلوا بالخلافات في الشريعة التي بينكم، ولا تتصارعوا، وركزا على فعل الخيرات، وكل خلافاتكم سينبئكم بها الله يوم القيامة، ويوضحها لكم.