كتاب فن قراءة العقول | كيف نفهم ونؤثر في الآخرين دون أن يلاحظوا ذلك (هينريك فيكسيوس)

 فن قراءة العقول | هينريك فيكسيوس

مرحباً بك، عزيزي القارئ، في هذا الإصدار الجديد المميز من كتاب فن قراءة العقول، قد يكون من المناسب إعطاء خلفية قصيرة عن الموضوع، بما أننا حديثو العهد ببعضنا البعض، بدأ اهتمامي بالسلوك الإنساني، وعلم النفس في المدرسة الابتدائية، في محاولاتي لخلق صداقات مع أطفال آخرين، كان لدي شعور دائم مزعج بأن كل شخص آخر كان قد استلم كتيباً بعنوان كيف تتفاعل مع الآخرين.

فن قراءة العقول



لقد أمضيت معظم سنوات بلوغي في محاولة العثور على إجابة لهذه الأسئلة، بحثت عن أجزاء للغز في مجالات مختلفة من قبيل المسرح، والإعلام الصحفي، والفلسفة، ووسائل الإعلام، وعلم النفس، والدين، وحققت كنتيجة لذلك فهماً كبيراً إلى حد ما للسلوك البشري، شخصاً ما يمزج علم النفس بالحيلة والتضليل لخلق الوهم بقدرته على قراءة العقول والتأثير في الآخرين.


تذكرة بعدم أخذ الأمور بجدية مبالغ فيها

أود أن أوضح أمراً ما، أنا لا أزعم أن محتويات هذا الكتاب تعد من الناحية الموضوعية "حقيقة" بالمعنى المعروف، وهي على أقل تقدير، ليست أكثر حقيقة من أي رؤية ذاتية أخرى عن العالم، هذه مجرد نظريات وأفكار وضع كثير من الناس إيمانهم فيها، والتي تبدو مانعة حالما تضبط وتختبر، غير أن هناك رؤى كونية عديدة متنافسة، تدفع على وجه التحديد بنفس الادعاء عندما يتصل الأمر بتمثيل الحقيقة.

سيحاجج البعض بأن علم النفس وعلم النفس الفيسيولوجي لا يندرجان ضمن العلوم، سينتقد البعض النماذج الموجودة في هذا الكتاب، وسيدعونها بالتعميمات المفرطة في التبسيط لظواهر معقدة، وغير الجديرة بأدنى اهتمام، سأختلف مع هذا الرأي، لأن هذه التمثيلات الخاصة-هذه النماذج- قد برهنت على كونها أدوات نافعة بشكل غير عادي لفهم الآخرين والتأثير فيهم. 


الجسد والنفس

لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فلا يجري عكس كل أفكارنا على المستوى الجسدي فحسب، فالعكس صحيح أيضاً، فأي شيء يحدث لأجسادنا، يؤثر في صيروراتنا الفكرية، يمكنك أن تختبر بنفسك هذا بسهولة، جرب التالي:

  • اقبض بشدة على فكك.
  • أخفض حاجبيك.
  • حدق في نقطة ثابتة أمامك.
  • ابق على هذا لعشر ثوان.

إن قمت بذلك على نحو صحيح أيضاً، قد تشعر بسرعة بنفسك تبدأ في الغضب، لماذا؟ لأنك قد أجريت للتو نفس الحركات العضلية التي يقوم بها وجهك عندما تشعر بالغضب، لا تحيا المشاعر في ذهنك فقط، فهي تماماً مثل جميع أفكارنا الأخرى، تدب في جسدنا برمته.


أنت تقوم بذلك فعلياً، لكن بإمكانك القيام به على نحو أفضل

سنتوجه معاً لإلقاء نظرة على مانقوم به فعلياً، بصمت ودون وعي، عندما نتواصل مع آخرين، ومايعنيه هذا، لكي تصبح ماهراً بقدر الإمكان في التواصل الاجتماعي وقراءة العقول، فإنه من الهام تعلم التقاط العلامات الصامتة التي يصدرها المحيطون بنا دون وعي عندما يتحدثون معك، وتأويلها على نحو صحيح، يمكنك بإيلاء الاهتمام لأشكال تواصلك الاجتماعي الصامت، اتخاذ القرار بشأن نوعية الرسالة التي تريد بثها.


إذ تستخدم تواصلك الصامت بالطريقة الصحيحة، ستكون قادراً أيضاً على التأثير في أولئك المحيطين بك لتجعلهم راغبين في التحرك معك في ذات الاتجاه الذي ترنو إليه، وتحقيق نفس أهدافك، ليس هناك شيء بغيض أو أخلاقي في ذلك أنت تقوم فعلياً بذلك، يمكن الفارق في أنه لا تتوفر لديك الآن أي فكرة عن نوعية الرسائل التي تصدرها أو نوعية التأثير الذي تمارسه على المحيطين بك، 
إننا نتحدث بنفس الوتيرة التي نفكر ونفهم بها الأمور، فإذا كنتم تتحدثون بنفس سرعة الشخص الذي تتكلمون معه، فإن أفكاركم تعبر عنها بنفس السرعة التي اعتادوا على التفكير بها.


الأحسايس والتفكير | كيف تتحدد أفكارنا بواسطة انطباعاتنا الحسية

لقد عرفت إلى حد كبير الكيفية التي تؤثر بها أفكارنا، وحالاتنا الشعورية والروحية فينا بدنياً، وأن العكس يصمد أيضاً في مواجهة التجربة، سنكون مطالبين في هذه المرحلة، بالرجوع إلى البداية، البداية الأولى تماماً، لأننا في الحقيقة، بدأنا من مكان ما في المنتصف، إذا كنت في طريقك لتعلم قراءة الأفكار، أعتقد أنه يتعين علينا تمضية بعض الوقت في نقاش ماذا تكون فعلياً الأفكار، لكن لا تقلق، لاتعد هذه المادة نظرية وأكاديمية بحته، إنها تماماً مثل كل شيء آخر في هذا الكتاب، شيء ما ستكون قادراً بالتأكيد على استخدامه في الممارسة. 

عندما نفكر، فإننا نشرع بشكل عام في واحدة من عمليتين مختلفتين، فإما أننا نتذكر، أي نعيد أفكاراً كانت لدينا من قبل، أو أننا نبني أفكاراً جديدة لم تكن لدينا من قبل، في كلتا الحالتين، تلعب انطباعاتنا الحسية دوراً هاماً في تفكيرنا، حواسنا السمعية، والبصرية، والشعورية، والتذوقية، والاستنشاقية، والتوازنية ليست ضرورية لقيادتنا في بيئتنا فقط، لكنها تستخدم ذكرياتنا الخاصة بانطباعات وخبرات حسية مختلفة في التفكير. 

العلامات المتناقضة في لغة الجسد

تظهر أكثر هذه العلامات المتناقضة وضوحاً بواسطة الجهاز العصبي اللاإرادي للجسم، لا نملك القدرة على السيطرة على هذه العلامات، حتى في حالة اكتشافنا أننا نظهر إشارات من خلاله، يكون من الصعب للغاية، إن لم يكن مستحيلاً، التوقف عن التعرق أو الاحمرار خجلاً أثناء جدال، أو تجنب اتساع حدقة العين عند حصولك على توزيعة ورق مربحة على طاولة البوكر، تكمن المشكلة في أن الجهاز العصبي اللاإرادي لا ينشط سوى في حالة ما تكون العواطف قوية جداً، لحسن الحظ، هناك أكوام من العلامات الأخرى والارتشاحات، التي تظهر عندما لا تكون العواطف قوية جداً. 
  • الوجه: يقال في كثير من الأحيان إن الوجه يحمل رسالتين: ما نريد أن نبرزه، ومانفكر فعلياً فيه، يكونان نفس الشيء وواحداً في بعض الأحيان، لكنهما ليسا كذلك في أغلب الأوقات عندما نحاول التحكم في الرسالة التي نعرضها، نفعل ذلك بثلاث طرق: 
  • التغيير: نعلق على تعبيرات وجهنا بإضافة تعبير آخر إليها، على سبيل المثال، إضافة ابتسامة إلى تعبير بائس بصورة مختلفة، لنظهر للجميع أننا سنخرج من ورطتنا. 
  • التعديل: نغير من كثافة التعبير لإضعافه أو تعزيزة، نقوم بذلك بالسيطرة على عدد العضلات المشمولة بالتعبير(كما نفعل عندما نظهر تعبيراً جزئياً للوجة)، ومقدار استخدامنا لتلك العضلات (كما نفعل عندما نظهر تعبيراً كاملاً، ولكن ضعيفاً، وهذا هو التعبير الطفيف)، وكم الوقت الذي نظهر فيه التعبير. 
  • التزييف: يمكن أن نظهر شعوراً ما عندما لا نشعر فعلياً بأي شيء(تظاهر)، ويمكننا أن نحاول عدم الإفصاح عن أي شيء عندما نشعر فعلياً بشيء (تحييد)، أو يمكننا ستر شعورنا بشعور آخر لا نشعر به (تغطية). 
لكي نكون قادرين على التظاهر بأننا نشعر بشيء بطريقة مقنعة، نحتاج إلى معرفة كيفية التعبير عنه، أي ما هي العضلات التي سنستخدمها، وكيف نستخدمها، يمارس الأطفال واليافعون هذا عن طريق صنع الوجوه أمام المرآة، لكننا نميل إلى التوقف عن فعل ذلك مع تقدمنا في السن، يكون لدينا في بعض الأحيان لهذا السبب فكرة سيئة عن الكيفية التي نبدو عليها حقيقة عندما نعبر عن أشياء مختلفة، لن يتوفر غالباً الوقت الكافي لدينا للإعداد لأي منها، وعلينا أن نبني ذلك على الكيفية التي يبدو عليها الأمر فينا، وأن نأمل في أننا سنقترب منها بشكل كاف. 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-