كتاب المخ الأبله| عالم أعصاب يشرح لك حقيقة ما يدور في رأسك (دين بيرنيت)

العقل يتحكم | كيف ينظم المخ الجسد؟ وكيف يخلف وراءه الفوضى عادة؟

منذ ملايين السنين، لم تكن تلك الآله التي نستخدمه في التفكير والحساب والتأمل موجودة أو معروفة، لم تكن أول سمكة زحفت على الأرض منذ دهور عديدة تشك في نفسها، ولم تكن تتساءل:(لم أفعل هذا؟ أنا لا أستطيع التنفس هنا! ولاحتى أملك الأرجل كي أتحرك في هذا المكان-أيا ما كانت هذه الأرجل التي لا أعرف حتى كُنهها-هذه آخر مرة ساوافق فيها على لعب هذا التحدي مع جاري)
بالطبع هذا لم يحدث حتى زمن قريب نسبياً، المخ كان لديه هدف واضح وبسيط جداً: إبقاء الجسد على قيد الحياة بأي طريقة ممكنة.
لاشك أن مخ الإنسان البدائي كان ناجحاً في أداء مهمته، بدليل بقاء جنسنا البشري وتربعنا الآن على عرش الكائنات الحية على كوكب الأرض.


المخ الأبله
كتاب المخ الأبله


لكن على الرغم من تطور قدراتنا العقلية المعقدة، فإن وظائف مُخنا القديمة الأساسية لم تندثر، بل على العكس تماماً، لقد اصبحت هذه الوظائف أكثر أهمية من ذي قبل، لأن امتلاكنا لقدرتنا اللغوية والحسابية المعقدة لن تكون لها اي قيمة، إن كان البشر يموتون بسبب عدم تذكرهم لوقت الطعام، أو بسبب سيرهم بالقرب من المنحدرات، المخ يحتاج إلى الجسد لكي يضمن استمرار وجوده، والجسد يحتاج إلى المخ لكي يتحكم فيه، ويجعله يقوم بكل ماهو ضروري لبقائه.


(في الواقع علاقة المخ بالجسد أكثر تعقيداً وتركيباً من هذه الجملة، ولكن دعنا نبدأبها الآن)نتيجة لهذه العلاقة، أصبح الجزء الأكبر من المخ البشري مخصصاً للعمليات الحيوية-الفسيولوجية- الأساسية، كالإشراف على العمليات الداخلية للجسد، وتنسيق استجاباته التلقائية للمشكلات التي يتعرض لها، وتنظيمه وتنظيفه من الفوضى، ببساطة كل مايتعلق بصيانته والاعتناء به.


أوقف الكتاب، أريد النزول! كيف يسبب المخ دوار الحركة؟

يقضي البشر المعاصرون وقتاً أطول في الجلوس مقارنة بأي وقت مضى، الوظائف المكتبية قامت باستبدال الأعمال اليدوية، وجود السيارات ووسائل النقل مكنتنا من السفر والترحال ونحن جالسون، ووجود الإنترنت جعل من الممكن أن تقضي حياتك كلها وأنت جالس، فأنت الآن تستطيع العمل عن بعد ويمكنك التسوق واستخدام الخدمات المصرفية عن طريق الإنترنت، قد يبدو هذا أمراً جيداً، لكنه في الحقيقة لايخلو من السلبيات ، تُصرف الأموال الطائلة الآن على الكراسي المكتبية المصممه بعناية لتراعي راحة الناس.

 ولتجنب الأضرار الجسدية التي قد يسببها هذا الجلوس الطويل، علاوة على ذلك الجلوس لوقت طويل في الطائرة يمكن أن يكون قاتلاً بسبب احتمالية تجلط الأوردة العميقة! قد يبدو هذا غريباً، ولكن في الحقيقة الحركة القليلة ضارة جداً، الحركة أمر مهم، ولهذا يجيد البشر الحركة ويتحركون كثيراً، ويمكنك أن ترى هذا واضحاً، فالبشر الآن يغطون سطح الكرة الأرضية كلها، وفي الواقع ذهبنا أيضاً إلى القمر.

أخبرنا أن السير لميلين يومياً مفيد للمخ، ولكنه في الحقيقة مفيد لكل اجزاء الجسد، هياكلنا العظمية تطورت لتسمح لنا بالسير لمدة طويلة، فترتيب وخصائص القدمين والساقين والخصر وتصميم الجسد كله مثالي للحركة بشكل مستمر، وهذا الأمر ليس فقط في شكل الجسد، ولكن من الواضح أننا مبرمجون للسير والحركة بدون أن نستخدم مخناز.

توجد كتل عصبية في عمودنا الفقري تساعدنا على التحكم في حركتنا بدون تدخل واع منا، هذه الكتل العصبية يطلق عليها مولدات الأنماط (Pattem highlight) وتصميم الحسد كله مثالي للحركة بشكل مستمر، وهذا الأمر ليس فقط في شكل الجسد، ولكن من الواضح أننا مبرمجون للسير والحركة بدون أن نستخدم مخنا، وهذا مما قد يفسر لماذا يستطيع شخص السير حتى وإن كان غير واع.


ما الذي أتى بي إلى هُنا؟ (الفارق بين الذاكرة طويلة المدى والذاكرة قصيرة المدى)

كلنا قمنا بذلك، في وقت أو في آخر، تكون قائماً بفعل شيء ما في غرفة، حين يتبادر إلى ذهنك فجأة  أنك تريد أن تذهب إلى غرفة أخرى لتحضر شيئاَ، وفي طريقك، شيء ما يشتت انتباهك، كنغمة في الراديو، أو أحد الأشخاص يقول شيئاً أثناء عبورك، أو فجأة تفهم حبكة ما سمعتها في برنامج تلفزيوني بعد أشهر من ضيقك بسبب عدم فهمها، أياً ما يكن، لقد وصلت إلى وجهتك، وفجأة..ليس لديك أي فكرة لماذا قررت المجيء إلى هنا، إنه أمر مُحبط، ومُزعج، ومضيع للوقت، إنها إحدى العادات الغريبة المُنبثقة من الطريقة المُعقدة بشكل مُدهش التي يعالج بها المخ الذاكرة


الخوف: ليس هناك ما تخشاه (الطرق المتعددة التي يجعلك بها مُخك خائفاً طوال الوقت)

مالذي يقلقك في هذه اللحظة؟ الكثير من الأشياء غالباً.

  • هل انتهيت من تحضير كل الأشياء التي تحتاج إليها من أجل عيد ميلاد ابنك القادم؟ 
  • هل يسير المشروع الكبير في العمل كما ينبغي؟ 
  • هل ستكون فاتورة الكهرباء هذا الشهر أغلى مما يمكنك تحمله؟ 
  • متى  اتصلت بك أمك آخر مرة، وهل هي على ما يرام؟ 
  • لم يذهب هذا الألم الذي في حوضك بعد، هل أنت واثق أن هذا ليس التهاب مفاصل؟ 
  • مرت أسابيع على وجود اللحم المفروم في الثلاجة، ماذا لو أكله أي شخص وأصيب بتسمم غذائي؟ 
  • لماذا أشعر بحكة في قدمي؟ 
  • أتذكر عندما سقط بنطالك في المدرسة عندما كنت في التاسعة، ماذا لو لم يتوقف الناس عن التفكير في هذا المشهد؟ 
  • هل تبدو السيارة بطيئة بعض الشيء بالنسبة لك؟ 
  • ماهذه الضوضاء؟ 
  • هل هذا فأر؟ 
  • ماذا إن كان يحمل وباءً؟ 
  • لن يصدقك مديرك أبداً إذا أخذت إجازة مرضية لذلك السبب.. وهكذا وهكذا...
وبشكل مماثل، يمكن أن تسيطر نظريات المؤامرة علينا، فتُثار مشاعرنا ونُصاب بشك جنوني في أشياء يمكن لها في الواقع أن تحدث، لكن حدوثها غير محتمل على الإطلاق.


لا تُراودك الكوابيس..إلا إذا كُنت تنجذب إلى تلك الأشياء

لماذا يقوم الكثير من الناس باغتنام أي فرصة حرفياً للمخاطرة بأنفسهم من أجل لحظات عابرة من الإثارة؟ تأمل في ممارسي رياضات القفز الجوي والقفز بالحبال والقفز من المظلات، كل شيء تعلمناه حتى الآن يظهر نزعة المخ للحفاظ على نفسه، حتى إنه في سبيل ذلك تحدث بعض الاضطرابات، والأفعال التجنبية، وما إلى ذلك.

عن طريق الصدفة، رهبة الخوف والمتعة التي نحصل عليها من الحلوى كلاهما مرتبط بنفس المنطقة من المخ، وهي منطقة المسار الوسطي الطرفي(Mesolimbic Pathway) والتي غالباً ما تُعرف بمسار المكافآت الوسطي الطرفي أو المسار الدوباميني الوسطي الطرفي، لأنها المنطقة المسؤولة عن إحساس المخ بالمكافآت.


تبدو رائعاً.. من الجميل ألا يهتم الناس كثيراً بشأن وزنهم (لماذا يكون النقد أشد قوة من المدح؟)

"فربما يمكن للعصى والحجارة أن يكسرأ عظامي، لكن الأسماء لن تؤذيني أبداً" لا يصمد هذا الادعاء كثيراً إذا دققنا فيه بعض الشيء، أليس كذلك؟ بداية، من المؤكد أن الألم الذي نشعر به عندما تُكسر عظامنا يكون ألماً شديداً جداً، فلا ينبغي لنا أن نستخدم ذلك كنقطة بداية اعتيادية للألم، ثانيا، إذا كانت الأسماء والإهانات لا تسبب لنا أي أذى حقاً، لماذا إذاً وجدت تلك العبارة في المقام الأول؟ نحن لا نجد أي عبارة على شاكلة" السكاكين والقواطع ستقطعك إرباً إرباً، لكن حلوى المارشملو لن تسبب لك أي أذى". 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-