كتاب مُحاط بالحمقى| الأنماط الأربعة للسلوك البشري (توماس إريسكون)

 الرجل الذي كان مُحاطاً بالحمقى

لقد كنت في المدرسة الثانوية، عندما لاحظت لأول مرة أنني أكون متوافقاَ مع بعض الأشخاص أفضل من البعض الآخر، كان من السهل التحدث مع بعض أصدقائي، ففي أي محادثة، كنا نجد دائماَ الكلمات المناسبة وكل شيء كان يتدفق بسلاسة، لم يكن هناك أي صراعات، وكنا نحب بعضنا بعضاَ، أما مع الآخرين، كان كل شيء يسير بشكل خاطىء، ما كنت أقوله كان يقع على آذان صماء، ولم أستطع فهم السبب..


مُحاط بالحمقى
كتاب مُحاط بالحمقى

فلماذا كان التحدث إلى بعض الناس بهذه السهولة بينما كان الآخرون حمقى تماماَ؟ عندما كنت صغيراَ، بالتأكيد لم يكن هذا شيئاَ يشغلني كثيراَ، ومع ذلك مازلت أتذكر الحيرة التي كانت تنتابني حول سبب تدفق بعض المحادثات بشكل طبيعي بينما لا تبدأ بعض المحادثات الأخرى على الإطلاق،بغض النظر عن الطريقة التي أجريها بها، كان أمراَ غير مفهوم وبدأت باستخدام طرق مختلفة لاختبار الناس، حاولت أن أقول نفس الأشياء في سياقات مماثلة لمجرد رؤية رد الفعل الذي أحصل عليه.

 في بعض الأحيان كان ينجح الأمر فعلاَ وتحدث مناقشة مشوقة في مناسبات أخرى لم يحدث شيء على الإطلاق، كان يحدق الناس في وجهي كما لو كنت من كوكب آخر، وأحياناَ كان الأمر يبدو كذلك حقاَ، عندما نكون صغاراَ، فإننا نميل إلى التفكير في الأشياء ببساطة شديدة، إذ لأن بعض الأشخاص في دائرة أصدقائي كانوا يستجيبون بطريقة طبيعية، فقد كان ذلك يعني بطبيعة الحال، أنهم كانوا الأشخاص الجيدين تلقائياَ، وهكذا افترضت أن هناك شيئاَ ما خاطئاَ في الأشخاص الذين لم يفهموني. 

فما التفسير الآخر الذي يمكن أن يوجد؟ لقد كنت نفس الشخص طوال الوقت! بعض الناس فقط بهم شيء خاطىء لذلك بدأت ببساطة في تجنب هؤلاء الناس الغريبين المعقدين لأنني لم أفهمهم، أطلق عليها اسم سذاجة الصغار إن شئت، لكنها تسببت في بعض العواقب المسلية، أما في السنوات اللاحقة، فقد تغير كل هذا، استمرت الحياة في العمل والأسرة والحياة المهنية، وواصلت تصنيف الناس إلى مجموعتين:أُناس جيدين وعاقلين وبقية الناس، الأشخاص الذين لا يبدو أنهم يفهمون أي شيء على الإطلاق.

عندما كنت في الخامسة والعشرين من عمري، قابلت رجلاً كان يعمل لحسابه الخاص يُدعى"ستور" أسس "ستور"، الذي هو الآن في الستينيات من عمره، عمله الخاص وقام ببناءه على مر سنوات عديدة، تم تكليفي بإجراء مقابلة معه قبل تنفيذ مشروع جديد، بدأنا نتحدث عن كيفية عمل الأشياء في منظمته، أحد التعليقات الأولى التي أدلى بها ستور هو أنه كان محاطاً بالحمقى، أتذكر أنني ضحكت في ذلك الوقت لأنني اعتقدت أنها كانت مزحة، لكنه كان يعني حقاَ ما قاله.

 واستشاط غضباً بينما كان يوضح لي أن الأشخاص العاملين في القسم "أ" كانوا حمقى جميعهم، أما في القسم "ب" فستجد البُلهاء الذين لايفهمون شيئاً على الإطلاق! لقد كانوا غريبين للغاية لدرجة أن ستور لم يتمكن من فهم كيف أنهم قد نجحوا حتى في الذهاب إلى العمل في الصباح، كلما استمعت إلية أكثر، أددركت أن هناك شيئاً غريباً جداً حول هذه القصة، سألته إذا كان يعتقد حقاً أنه محاط بالحمقى، نظر ساخطاً في وجهي و أوضح أن عدداً قليلاً جداً من موظفيه هم من لهم قيمة ويستحقون البقاء.


كيف يراني الآخرون حقاً؟

غالباً ما يرى الأشخاص من حولك سلوكك المعتدل، فأنت تفسر موقفاً معيناً وتقرر كيفية التصرف بناء على ذلك التقييم، وهذا هو السلوك الذي يراه الآخرون من حولك، الأمر كله يتعلق بالقناع الذي ترتدية لتتناسب مع وضع معين، لدينا جميعاً العديد من الأقنعة المختلفة، ووجود واحد في العمل وواحد في المنزل ليس بالأمر غير العادي، وواحد آخر لزيارة الأصهار.

كيف تتعرف على الشخص القيادي الحقيقي وتتجنب الوقوف في طريقة؟

ماذا علينا أن تفعل؟ سنفعل ذلك بطريقتي، الآن! هذا هو نوع الشخصية التي يطلق عليها أبقراط في نظريته عن المزاج الإنسانس اسم "الغاضب"، أما في هذه الأيام يمكن أن نُطلق على الشخص الأحمر جريئاً أو طموحاً ومدفوعاً، ولكن يحتمل أيضاُ أن يكون سريع الانفعال أو مندفعاً أو مسيطراً، فأنت تلاحظ سريعاً الشخص الأحمر، لأنه لا يقوم بأدنى جهد لإخفاء طبيعته.

إذا فكرت في الأمر، فهم في كثير من الأحيان يكونون على حق، عندما يجد الآخرون صعوبة في اتخاذ قرار، فإن ذوي الشخصيات الحمراء مستعدون لاتخاذ قرارت سريعة من أجل الحفاظ على سير الأمور، فمع وجود شخصية حمراء في الفريق، لن يتم مناقشة أي شيء إلى ما لا نهاية، ففي الأخير، من الأفضل دائماً فعل شيء بدلاً من لا شيء، أليس كذلك؟ 

كيف تتعرف على الشخص الذي أصبح يحلق في الخيال وكيف تعيده إلى الواقع مجدداً؟

في عالم أبقراط وصلنا الآن إلى الشخص المتفائل، ما هي الكلمات الأخرى التي يمكن استخدامها لوصفه؟ " متفائل" و " مرح" شخص" ذو نظرة مشرقة إلى الحياة" حتى إن المرادفات تشير إلى "رجل الإمكانيات" ماذا عن ذلك؟ إنه في الواقع، وصف ممتاز للسلوك الأصفر، هؤلاء هم الأشخاص الذين يعيشون للعيش، ويجدون دائماً فرصاً للا ستمتاع، فالحياة مأدبة، وسوف يراها ذوو الشخصية الصفراء في تذوق كل قضمة إنهم مدفوعون بالفرح والضحك، ولم لا؟ فالشمس تكون مشرقة دائماً في مكان ما.

 لن تجد أي شخص أكثر حيلة من ذوي الشخصيات الصفراء، إذا كان هناك لدى ذوي الشخصيات الصفراء أي موهبة لفعلها، فهي رؤية حلول لا يراها الآخرون ببساطة، لدى الشخصيات الصفراء القدرة الفريدة على لي وتحويل الأشياء، إنهم ببساطة، يقبلون كلشيء رأسا على عقب ويفكرون خارج الصندوق، أطلق على الأمر ما تريد، لكن تفكيرهم لا يتبع دائماً أي نمط محدد. 


لماذا يكون التغيير صعباً للغاية، وكيف نتعامل معه؟ 

الشخص الأخضر هو الأكثر شيوعاً، سوف تقابله في كل مكان تقريباً، فما هي أسهل طريقة لشرح من هو؟ حسناً، أود أن أصفه بأنه متوسط كل الألوان الأخرى، يرجى عدم تفسير ذلك كشيء سلبي، ضع في اعتبارك ما يعنيه هذا حقاً، فإن ذوي الشخصية الخضراء هم الأكثر توازناً، فهم بمثابة موازنة للسمات الشخصية الأكثر تطرفاً بطريقة أنيقة، أطلق عليهم أبقراط اسم الهادئين، وأطلقت عليهم شعوب الأزتيك لقب شعب الأرض " الهدوء" و" التمهل" و" البساطة" هي بعض الكلمات التي يمكن أن تصفهم أيضاً. 

الأشخاص ذوو الشخصية الخضراء هم طيبة متجسدة على الأرض، يمكنك أن تتوقع يد المساعدة كلما احتجت إليها، إنهم أشخاص علائقيون سيبذلون قصارى جهدهم للحفاظ على علاقتكم، وسوف يحافظون عليها مدى الحياة، سوف يحفظون تاريخ ميلادك وتاريخ ميلاد شريكتك وتاريخ ميلاد أطفالك وما إلى ذلك، ولن أتفاجأ إذا علمت أنهم كانوا يعرفون حتى متى وُلدت قطتك. 


سعياً لبلوغ الكمال، لماذا نفعل ذلك؟ ما هو الأساس العلمي وراء ذلك؟ 

أما آخر الألوان الأربعة فهو شخص مثير للا هتمام، وأنت على الأرجح قابلته من قبل إنه لا يثير ضجيجاً حول نفسه، لكنه يراقب ما يحدث من حوله، وفي حين أن ذوي اللون الأخضر سيذهبون مع التيار، فإن ذا اللون الأزرق لديه كل الإجابات الصحيحة فهو في الخلفية ، يحلل، ويصنف، ويقيم، ستعلم أنك قابلت شخصاً أزرق إذا قمت بزيارة منزل شخص ما ووجدت كل شيء تم تنظيمه هناك بطريقة معينة.

نادراً ما يمكن أن يعتقد الشخص الأزرق أن لدية الكثير من الحقائق، أو أن ذلك الكتاب أو الملف يحتوي على صفحات أكثر من اللازم، يقول الناس إن الشيطان يكمن في التفاصيل، ويمكنني أن أتصور أنه كان شخصاً أزرق هو أول من قال ذلك، فبالنسبة للشخص الأزرق لا توجد تفاصيل صغيرة جداً بحيث لا يمكن ملاحظتها، فالسطحية ليست ببساطة خياراً متاحاً للشخص الأزرق. 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-