السماح بالرحيل
بينما كان يتفكر يوماَ ما..تساءل العقل: مامشكلتنا مع هذا العالم؟ لماذا السعادة زائلة؟ أين الأجوبة؟ كيف يمكننا معالجة معضلة الإنسان؟هل أصابني مس من الجنون أم أن العالم قد جُن؟ يبدو وكأن حلول أية مشكلة تعطي راحة قصيرة لتهيئنا لمشكلة تتبعها،هل العقل البشري عجلة هامستر ميؤوس منها؟ هل الجميع مشوش؟وظل العقل يثرثر ويتساءل: هل يعرف شخصاَ مالسر؟
السماح بالرحيل |
لاتقلق، فالجميع يشعرون باليأس، وبعضهم يشعرون بمشاعر هادئة تجاهها، فيقولون: ( لا أعرف ماسبب كل هذه الضجة؟)الحياة تبدو بسيطة جداً بالنسبة لي، إنهم خائفين لدرجة أنهم لا يستطيعون النظر إليها، وماذا عن الخبراء؟ إن تشوشهم أكثر تعقيداً، فهم يخبؤونه تحت ستار لغة رنانة وتركيب عقلي معقد، فقد قرروا سلفاً النظم العقائدية التي يحاولون حشو رأسك فيها، وقد تنجح طريقتهم لبعض الوقت وبعدها يعود كل شخص إلى حالته الأصلية من جديد، وهذا ما نراه في المؤسسات الإجتماعية، عندما تسقط شعاراتهم ويفقد الجميع ثقتهم بهم.
السماح بالرحيل هو أشبه بانقطاع مفاجىء لضغط داخلي أو إنقاص وزن، يصاحبه شعور مفاجىء بالراحة والخفة، مع شعور بسعادة وحرية أكبر، هي آلية واقعية حقيقية والجميع قد جربها في مناسبات مختلفة، وعلى سبيل المثال، تخيل أن تكون في خضم نقاش حاد وبينما تشعر بالعصبية والغضب يشعرك الموقف كله بالسخف والتفاهة وتشعر فجأه بمشاعر حرية وسعادة، تخيل كيف ستكون الأمور إذا ما تعاملت معها بهذه الطريقة طيلة الوقت في أي مكان ومع أي موقف، قد تشعر دوما بالحرية والسعادة ولن تكون رهن مشاعرك مرة أخرى.
فالسماح بالرحيل باختصار هو عملية تحدث بوعي وتكرر بناء على رغبتك، وبهذا تكون مسؤولاً عن مشاعرك ولن تكون تحت رحمة العالم وردات فعلك تجاهها ولن تكون أيضاً الضحية، نحمل على عاتقنا تراكمات من المشاعر والسلوك والاعتقادات السلبية، وهذا الضغط المتراكم يجعلنا يائسين وهو مصدر للكثير من الأمراض والمشكلات التي تواجهنا، فنحن نستسلم لهذة السلبيات ونفسرها بأنها (حالة إنسانية) ونسعى للفرار منها بطرق لا تعد ولا تحصى.
فيمضي الإنسان العادي حياته في محاولة تجنب فوضى مشاعر الخوف من الألم والعذاب والفرار منها، أما مشاعر حب الذات فهي مهددة دوما على الصعيدين الداخلي والخارجي، إذا ماتمعنا في حياة الإنسان، سنجد أن هناك أسلوب بقاء طويل ومدروس ولابد من وجوده وهو التهرب من مخاوفنا الداخلية وآمالنا التي أسقطناها على العالم، في حين أن البعثرة ماهي إلا فترات احتفالية تحدث عندما نتهرب للحظات من مخاوفنا الداخلية، لكن المخاوف ماتزال هنا تنتظرنا.
فلقد أصبحنا نخاف من مشاعرنا الداخلية لأنها تحمل كمية كبيرة من السلبيات التي نخاف أن نغرق بها إذا ما نظرنا إليها نظرة عميقة، إننا نخاف من هذه المشاعر لأننا لا نملك آلية واعية يمكننا من خلالها أن نتعامل مع هذه المشاعر إذا ماسمحنا لها أن تظهر داخلنا، ولأننا نخشى مواجهة هذه المشاعر فإنها تتراكم حتى نبدأ نتطلع للموت خفية كي ننهي كل هذا الألم، ليست الأفكار التي تؤلمنا ولا الحقائق ولكنها المشاعر التي تصاحبهم، فالأفكار بحد ذاتها غير مؤلمة، إنها المشاعر الكامنة خلفها!
إن ما يسبب الأفكار هو ضغط المشاعر المتراكمة، فشعور واحد على سبيل المثال يمكن أن يتسبب بالضبط بآلاف الأفكار خلال فترة معينة، فكر على سبيل المثال بذكرى مؤلمة حصلت منذ زمن بعيد، بشعور واحد من الندم الشديد إختبأ في داخلك، وأنظر إلى الأفكار المتعلقة بهذا الحدث الواحد التي راودتك عاماً تلو الآخر، إذا ما استطعنا أن نتخلى عن الشعور المؤلم الكامن خلفها فإن كل هذه الأفكار ستختفي فوراً وسننسى ما حصل..
المشاعر والآلية العقلية
لدينا ثلاث طرق في التعامل مع المشاعر: القمع والتعبير والهروب، وفيما يلي سنتطرق لكل واحدة على حدة:
- القمع والكبت: هاتان الطريقتان من أكثر الطرق استخداماً فمن خلالهما ندفن مشاعرنا ونضعها جانباً، يحدث الكبت بلاوعي أما القمع فبوعي، فنحن لا نود أن نزعج أنفسنا بمشاعرنا، فضلا عن أننا لانعرف ماذا بإمكاننا أن نفعل غير ذلك.
- التعبير مع هذه الآلية، يتم التنفيس عن المشاعر والتعبير عنها من خلال لغة الجسد وإظهارها عن طريق مجموعة مظاهرات غير منتهية، فالتعبير عن المشاعر السلبية يسمح فقط بالتنفيس عما يمكن من الضغط الداخلي ليتم قمع ما يتبقى منه.
- الهروب هو تجنب المشاعر من خلال الإلهاء، فهو أساس صناعة التسلية والخمور وهو أيضاً طريقة مدمني العمل.
المشاعر والتوتر
آلية السماح بالرحيل
- الخطوة الأولى أن تسمح لنفسك أن تشعر بالشعور بدون مقاومته، أو الهروب منه، أو الخوف منه، أو إدانته، أو تهذيبه.
- إسمح برحيل رغبتك في مقاومة الشعور، فالمقاومة هي ماتجعل الشعور يستمر، فعندما تتخلى عن المقاومة أو محاولة تغيير الشعور ستتحول إلى شعور آخر.
- عندما تسمح بالرحيل، تجاهل كل الأفكار التي تراودك، ركز على الشعور بحد ذاته، فالأفكار لا تنتهي وتولد المزيد منها.